Thursday, April 26, 2007

الأرض



تخيل بينما أنت جالس في بيتك بين أهلك إذا برجل يمسك بيده عصاة غليظة يدخل عليك من الباب ثم يقتل أخاك الصغير و يقوم بطردك أنت و عائلتك و يترك لك فقط حجرتان. أخذت أنت تصرخ و تقول لا لا... هذه حجرتي هذا بيتي ولكن دون فائدة. مرت سنة و الأخرى وإذا بهذا اللص يفتح الباب ويخرج عليك مرة أخرى و يقتل أختك الصغيرة و يأخذ منكم حجرة من الحجرتان المتبقيتان, وأنت تصرخ وتبكي أختك القتيلة, ولكن دون جدوى. نتيجة لارتفاع العدد في هذه الحجرة المتبقية لجأ بعض أفراد أسرتك للذهاب إلى الجيران للبقاء عندهم مؤقتا. بقي الوضع على هذه الحال لمدة طويلة. كل يوم تتآكل مساحة منزلك. كل يوم يمر, يمر جدك العجوز من أمام المنزل المحتل و ينظر إلى غرفته القديمه ويبكي, يتذكر أيام شبابه ويتمنى العودة ولكن لا يستطيع. شكوت للشرطة ولكن دون نتيجة. الكل متواطئ مع هذا اللص. الكل يرفض حتىالأعتراف بحقك في هذه الغرفة المتبقية. وفي الوقت ذاته الكل يعترف بحق هذا اللص في بيتك, حتى أولاد عمك خانوك و اعترفوا بهذا اللص. طوال هذه المدة و أنت تقاوم و أنت مؤمن بحقك الكامل في بيتك. و ذات يوم جاءك جميع سكان الحي يطالبونك لا بالسكوت عن حقك فقط بل بالإعتراف بهذا اللص و بحقه في بيتك دون أن يعترفوا هم حتى بغرفتك الوحيدة. يطالبونك أن تنسى هذا الطفل الصغير...أخاك... الذي قتل أمام عيناك منذ عدة سنوات وأن تضع يدك في يد قاتل أختك. يريدونك أن تنسى دموع جدك التي مازالت تنهمر على حجرته منذ سنيين. أكنت تنسى؟ أكنت تعترف؟؟؟

عفوا, إنه ليس بيتك, إنها فلسطين.إنه ليس منزلك, إنه وطن للملايين. وليس جدك الذي يريد العودة ولكنهم خمسة ملايين فلسطيني في الشتات هجرهم اللاحتلال قسرا, تزداد دموعهم يوما بعد يوم. ليس أخوك وأختك فقط الذين قتلوا, ولكنهم شهداء أقل ما يقال إنهم بمئات الألاف.

1948 هو العام الذي أعلن فيه رسميا اغتصاب فلسطين و قيام ما يسمى بإسرائيل. ولكن جذور المخطط تمتد إلى أبعد من هذا التاريخ. منذ اكثر من 100 عام والجمعيات الصهيونية تخطط لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين و عاصمته القدس. ففي عام 1897 عقد أول مؤتمر صهيوني في مدينة بسل في النمسا, في هذا المؤتمر تعهدت كل الجمعيات المشاركة بالعمل على تمهيد قيام وطن قومي لليهود. و نتيجة لجهود هذه الجمعيات تضاعفت أعداد اليهود الوافدة إلى القدس من كل أنحاء العالم. ففي عام 1917 وصل تعداد اليهود في القدس إلى 51,200 نسمة. 1917 هو أيضا نفس العام الذي تعهد فيه وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور باقإمة وطن قومي لليهود في فلسطين, التي كانت في هذا الوقت تحت الإحتلال البريطاني. ومنذ هذا العام تضافرت الجهود الصهيونية مدعومة من السلطات البريطانية للسيطرة على فلسطين. في عام 1947 وصل عدد اليهود داخل القدس إلى 164,500. في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 إصدر قرار الامم المتحدة رقم 181 الداعي إلى تقسيم فلسطين.

في عام 1948 قامت عصابات الأرجون و الهاجانا بتنفيذ مخطط عسكري للسيطرة العسكرية على بعض اراضي فلسطين لإقامة دولتهم المزعومة. في خلال هذه السيطرة قامت هذه العصابات بارتكاب ابشع المجازر ضد أهل فلسطين. مذبحة بلدة الشيخ 31/12/1947, مذبحة دير ياسين 10/4/1948, مذبحة قرية أبو شوشة 14/5/1948, مذبحة الطنطورة 22/8/1948 هي فقط أسماء لبعض المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد أهل فلسطين.
منذ الإعلان عن قرار التقسيم كان يسكن في المناطق التابعة للدولة اليهودية -حسب قرار التقسيم- ما يزيد عن 243 ألف عربي في 219 قرية وأربع مدن هي حيفا وطبريا وصفد وبيسان. وقد هجر من هذه المناطق -في الفترة الواقعة بين قرار التقسيم وحتى شهر حزيران/يونيو 1948- ما يزيد عن 239 ألف عربي وأخليت ودمرت 180 قرية عربية تماما, كما هجر سكان ثلاث مدن كبرى كليا هي صفد وطبريا وبيسان, بينما بقي في حيفا 1950 فلسطينيا وبالمقابل قامت المنظمات العسكرية الصهيونية بتهجير ما يقارب 122 ألف عربي من المناطق التابعة للدولة الفلسطينية, وأخليت ودمرت 70 قرية تماما وهجر سكان يافا وعكا بشكل كلي تقريبا كما تم تهجير جزء كبير جدا من سكان مدينتي اللد والرملة.
في عام 1967 قام الكيان الصهيوني بشن هجوم موسع ضد فلسطين, مصر, سوريا و الأردن. في خلال هذا الأعتداء قامت القوات الصهيونية بالسيطرة على ما تبقى من القدس وضمها الى دولتهم, وقامت باحتلال الضفة الغربية و قطاع غزة.
منذ اعلان فيام الدولة المزعومة و كل يوم اعداد اللاجئين الفلسطينين تزداد. حتى نهاية عام 2005 وصل عدد اللاجيئين الفلسطينين في الشتات الى 5.1 مليون.
هذه هي قصة الأرض, ارض فلسطين. فإذا كنت انت قد تنسى منزلك وتشتري غيره, فكيف لخمسة ملايين ان يشتروا ارض جديدة. إذا كنت انت قد تمسح دموع جدك فمن يمسح دمعة شيخ فلسطيني يمسك بمفتاح بيته في الخلبل يتوق الى العودة, وإذا كنت انت قد تترحم على صرخات اختك الصغيرة, فمن يترحم على مئات الألاف من الشهداء سقطوا و مازالوا يسقطون كل يوم على تراب فلسطين, من أجل فلسطين.


المصادر:
http://www.palestine-info.co.uk/am/publish/article_12.shtml
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/50695CB7-5294-42FA-85A0-94E42D412F01.htm



حسن الدسوقي